01‏/01‏/2012

د. بتول الموسوي تتحدث لمجلة الحوار عن هموم المغترب العراقي خلال زيارتها إلى بغداد

حاورها مدير التحرير 

خلال زيارتها إلى بغداد أجرت السيدة د. بتول الموسوي مستشارة الدائرة الثقافية في ستوكهولم عدة لقاءات وزيارات إلى وزارات ومؤسسات حكومية، وتوجتها بزيارة إلى مكتب السيد رئيس الوزراء نوري المالكي، اذ طرحت خلال لقاءاتها مع المسؤولين هموم ومشاكل المغتربين العراقيين خصوصا المتواجدين منهم في حدود الاتحاد الأوربي.
 وللوقوف على تفاصيل هذه الزيارة وأوضاع المغترب العراقي في المهجر؛ أجرت مجلة الحوار هذا اللقاء معها...


-تحياتي لكم وبالغ امتناني لاستضافتكم لي في هذا الحوار المهم لارتباطه بهموم جالية عراقية يربو عددها في السويد فقط على 24000 عراقي ناهيك عن 34000 في النرويج واعداد كبيرة اخرى في باقي الدول الاسكندنافية في الدنمارك وفنلندا..فمنذ ان استلمت مهام عملي في ستوكهولم منذ ثمان اشهر وانا اتعايش كل يوم بل في كل ساعة مع هموم تلك الجالية الكبيرة وانشغالاتها مستمدة القوة مما لمسته فيهم من تشبث بالوطن وحرص على مد يد العون له والمساهمة في اعادة بنائه ونهضته القادمة وبحثهم عن اي خيط يربطهم بالعراق ..
الحوار-هل يمكنك ان تعطينا نبذة بسيطة عن سيرتك الذاتية والتي اهلتك فيما بعد لتكوني مستشارة ثقافية؟؟.
-قبل تولي مهامي كمستشارة في الدائرة الثقافية كنت اعمل كاستاذة جامعية في الجامعة المستنصرية ..اذ تخرجت من كلية العلوم السياسية جامعة بغداد عام 1992، ثم اكملت بعدها دراسة الماجستير في نفس التخصص ونفس الجامعة عام 1995، وعينت في الجامعة المستنصرية كاستاذة عام 1997، بعدها اكملت مشواري الدراسي وحصلت على شهادة الدكتوراه عام 2005 وحصلت على درجة الاستاذ المساعد عام 2006...
وفي نفس الوقت عملت كناشطة انسانية، وكنت عضوة مؤسسة للعديد من مؤسسات المجتمع المدني العراقية والعربية فضلا عن كوني عضوة مجلس ادارة في الشبكة العراقية لثقافة حقوق الانسان والتنمية..
وعكس مايشاع عن انتماءاتي السياسية فانا في الحقيقة مستقلة تماما عن اي انتماء حزبي، وتم ترشيحي لاشغال هذه الوظيفة بناء على مؤهلاتي الوظيفية ودون اي ارتباطات.
 -هل يمكن أن تحدثينا عن زيارتك إلى العاصمة بغداد؟ وفي أي سياق تأتي؟.
-تاتي هذه الزيارة في اطار جهودنا المستمرة لاحتواء جالياتنا في الخارج واشعارهم بان هناك من يستشعر همومهم ومعاناتهم وبان صوتهم سيصل الى بغداد رغما عن كل الحدود.
فرغبتهم للعمل من اجل العراق يجب ان تقابلها نيات صادقة لتذليل الصعاب كي لا يشعر العراقي بالمهجر بان بلده يستعقه او ينكره؛ وبان يده الممدودة لدعم ومساعدة أبناء وطنه تقابلها يد تحتضنه هناك.
الحوار-ما هي المؤسسات والشخصيات التي قابلتها؟ وماهي القضايا التي حملتها إليهم؟.
-اول محطة لي كانت مقابلة السيد وزير التعليم العالي والبحث العلمي وكان الهدف الاول من الزيارة هو تعريفه بالعالم العراقي الكبير (عبد السلام محمد) والذي اصطحبته معي الى بغداد للقاء المسؤولين في مختلف المؤسسات العلمية العراقية لتعريفهم بمستوى الابداع العراقي في المهجر؛ خصوصا وان العالم المذكور كان قد ابتكر جهازا ليزريا لكشف المتفجرات وتفجيرها عن بعد ولمساحة 200 متر، وقد تعاقدت معه كل من وزارة الدفاع السويدية ووكالة ناسا الفضائية لادخال ابتكاره حيز الانجاز.
ولما لمسته فيه من حرقه وامنية بان تكون انجازاته لبلده لا لناسا او للسويد؛ قررت اصطحابه لبغداد، والحمد لله لقي كل الترحيب من المسؤولين العراقيين وفي آخر اتصال لي معه الان اخبرني برغبته عند عودته ان يعقد اجتماعا للاكاديميين يعرض فيه مستوى الترحاب الذي لقيه من المسؤولين العراقيين ومن المؤسسات البحثية، وهو الآن يتنقل بين الجامعات لالقاء محاضرات وعمل سيمينارات في مجال تخصصه وفي مختلف المحافظات العراقية.
 والمشكلة الثانية التي قابلت السيد الوزير بخصوصها هي قضية الاعتراف بالبورد السويدي الاسكندينافي، إذ لا تعترف الجهات العلمية العراقية بهذا البورد وقد قمت بنقل استيضاحات خطية للسيد الوزير من الاطباء العراقيين هنا.
وخطوتي القادمة هي اصطحاب عدد منهم لمقابلة المسؤولين وشرح معاناتهم بانفسهم كونهم اصحاب الاختصاص وقدرتهم على الدفاع عن قضيتهم اقوى.
كذلك تم التباحث حول توقف دعم طلبة النفقة الخاصة وقد وعد السيد الوزير بان هذه القضية سيتم تلافيها بمجرد اطلاق ميزانية 2012..
وكانت محطتي الثانية هي زيارة الشيخ محمد سعيد النعماني في المقر الرئيسي لتجمع الكرد الفيليين لنقل هموم ابناء هذا المكون من افتقاد للاوراق والوثائق الثبوتية، فضلا عن دعمي لرغبتهم بالحصول على حصة من المقاعد في الزمالات الدراسية التي توفرها وزارة التعليم العالي والبحث العلمي العراقية، وكان اللقاء مثمرا وحقق نتائج ايجابية كبيرة.
بعدها توجهت لوزارة الهجرة والمهجرين كونها الوزارة الاكثر ارتباطا بموضوع الجاليات العراقية في الخارج؛ وانصب الحديث على معاناة الكفاءاة العائدة من الروتين ومن سوء المعاملة وعن سبل تسهيل مهمتهم وتقليص حلقات الروتين واشعارهم بانهم على الرحب والسعة في بلدهم العراق، وقد وجدت كل الترحاب من الدكتور سلام الخفاجي وكيل الوزير ومن السيد مديرعام الدائرة الإنسانية الذين رحبا بمقترحاتي كثيرا ووعدوا بالتعاون لتذليل الصعاب، كما رتبوا لي لقاءا مع قسم الكفاءات في الوزارة.
بعدها تركز الحديث حول مؤتمر المهاجرين المزمع عقده في ستوكهولم 25-26-27\11 في ستوكهولم بالتعاون مع دائرتنا الثقافية..
بعدها التقيت بالسيد رئيس الوزراء نوري المالكي وتم التباحث حول دعم انشاء مدارس عراقية في السويد والدول الاسكندنافية والغاء مبدا التمويل الذاتي لما يسببه هذا المبدا من مشاكل للقائمين على هذه المدارس.
ونقلت له شكاوى مكتوبة من بعض الكفاءات العائدة والتي لم تعطى فرصا حقيقية ولم تشغل مواقع وظيفية تناسب اختصاصها؛ وعلى هامش اللقاء تم التطرق لمشكلة وكلاء الخطوط الجوية العراقية في ستوكهولم مع وزارة النقل والمواصلات وارتباطها بمبالغ مالية مترتبة للعراقيين بذمة الشركة، واوعز السيد رئيس الوزراء بحل المشكلة مباشرة من خلال مقابلة الوفد القادم من ستوكهولم للسيد وزير النقل والمواصلات.
محطتي بعدها كانت النجف الاشرف وزيارة المعهد التطويري المتخصص بتنمية الموارد البشرية وهو معهد تابع للتيار الصدري ويديره الاستاذ علي الخليفاوي نيابة عن الاستاذ كرار الخفاجي والحقيقة تنازعني شعوران في آن واحدعند دخولي لهذا المعهد فقد اندهشت من مستوى الامكانات اللوجستية التي يقدمها المعهد وسررت كثيرا بوجود صرح علمي بهذا المستوى في مدينة النجف الاشرف يحوي ويقدم خبرات علمية لا يستهان بها وهو يضاهي بما يملكه ويقدمه من امكانات معاهد زرتها في دول اوربية متقدمة.
اختتمت جولتي بمقابلة السيد وزير التربية محمد تميم الذي كان غاية في الترحيب والتعاون؛ وقد دعم مقترحي بانشاء المدارس العراقية كما قام بتزويد مدارسنا بالكتب المدرسية التي نحتاجها ولمختلف المراحل لمادتي اللغة العربية والتربية الاسلامية؛ ودعم مقترحي لاستضافة المدارس السويدية لاعداد من المدرسين والمعلمين العراقيين لمعايشة التجربة السويدية في التعليم، كما رحب بزجهم بدورات تدريبية متخصصة في طرق التدريس الحديثة..
الحوار-لماذا تحتاج مشاكل المغترب العراقي الى من يزور المسؤولين في مكاتبهم لحلها؟! لماذا لا توجد آلية لحل مشكلة كل شخص يتواجد خارج العراق لأي سبب كان؟.
-لست بعيدا عن الساحة العراقية وتعرف معاناة المواطن العراقي من الروتين فمابالك بمن يعيشون في قارة أخرى؟ أما عن عدم وجود آليات فهذا جزء من منظومة كبيرة يطول الحديث عنها تتعدى صلاحياتي.
الحوار-ما الدور الذي تلعبه السفارات في هذا الموضوع؛ وهل تعتقدين أنها مقصرة في أداء واجباتها؟.
لا تعليق
الحوار- دأبت الحكومات العراقية على وضع محفزات للمغتربين للعودة الى الوطن؛ إلى اين وصلت هذه الجهود؟ وهل نجحت في إرجاع أعداد منهم خصوصا المهجرين؟.
لا محفزات للمغتربين لحد الان وما تقرر منها لم يدخل حيز التنفيذ بعد.
الحوار- ماذا عن الكفاءات العلمية؟ هناك شكوى من العائدين أنهم لم يعاملوا ماديا ومعنويا بما يكافئ طاقاتهم وخبراتهم؟.
-اتفق معك ومعهم في هذا وقد بحثت الامر مع المسؤولين لوضع اليات لمواجهة هذه المشكلة.
الحوار-إذا دخلنا في المحور الثقافي، هل لك ان تطلعينا على دعم الدولة العراقية للجهود الثقافية في الخارج؟ هناك من يقول أن كل ما ينجز ثقافيا في الخارج هو نتاج مبادرات فردية!!؟.
-لا ننكر بان اغلب النشاطات الثقافية والابداعية تكون بمبادرات فردية ولكن هناك نشاطات في مناسبات ثقافية معينة تدعمها الحكومة العراقية وبسخاء..
الحوار-الا تعتقدين أن المغترب العراقي بحاجة الى من يتواصل معه ثقافيا لابقائه في الحضن الثقافي الوطني بدل الذوبان الثقافي، وما ذا يمكن العمل للقيام بمثل هذا الدور؟.
-هنا ياتي دورنا كدوائر علمية ثقافية في تعزيز ارتباط المغترب العراقي بوطنه خصوصا ان دوائرنا لا تحمل اي صبغة سياسية مما يزيل الحواجز امام التفاف جالياتنا حولنا؛ ويأتي هذا الدور من خلال النشاطات الثقافية التي نقيمها ونحضرها، ومن خلال عنايتنا الدائمة ومتابعتنا لمبدعينا، ومن خلال مشاركة جاليتنا افراحها وأتراحها، ونحن الآن بصدد خطة لتوسيع مجال عملنا من خلال افتتاح البناية الجديدة للدائرة الثقافية اذ اتفقت مع السيد وكيل وزير الثقافة في زيارتي الاخيرة وعلى هامش حضوري افتتاح مهرجان الجواهري على قاعة المسرح الوطني على تصميم متحف بغدادي مصغر داخل الدائرة الثقافية واقامة معرض دائم للحرف والمصنوعات الشعبية العراقية والازياء الشعبية العراقية.
الحوار- المثقفون العراقيون؛ على اختلاف تخصصاتهم منتشرون في أصقاع الأرض بسبب عقود الوجع العراقي المتراكم! هل ثمة جهود لإعادتهم إلى العراق؟.
توجد مشاريع كثيرة لاعادتهم لكنها لحد الان لم توضع موضع التنفيذ حتى تستكمل آلياتها..
الحوار- اقترح ان تنشأ رابطة تجمع المبدعين العراقيين المغتربين في ثناياها، وتقدم لهم حضنا ثقافيا في احدى دول الاغتراب، بحيث تعقد لهم ملتقيات سنوية، ومؤتمرات فصلية وما الى ذلك من أنشطة، هل يمكن تحقيق هذا المقترح على أرض الواقع؟.
-مثل هذه الروابط موجودة على ارض الواقع وبكثرة ونشاطاتها كثيرة وكبيرة .
الحوار-بعيدا عن هموم الاغتراب، والثقافة، والوجع العراقي، اريد أن أسالك عن شعورك الشخصي عند عودتك للوطن، وعند رؤية بغداد كيف كان؛ وبما تصفينه؟.
-حين قال كابتن الطائرة مرحبا بكم في بغداد لم اتمالك نفسي وانهمرت دموعي؛ حتى بدا البروفيسور الجالس بجانبي والذي فارق العراق منذ عام 1991 بالنحيب تاثرا بدموعي، الفرق انه كان يصرخ حين كان ينظر من شباك الطائرة الله اكبر ماهذا الخراب!...
الحوار-أنا شخصيا؛ وكل من عاش في بغداد في أزمنة تألقها الثقافي يشعر حين يزورها الآن أنها فقدت شيئا ما! هل تشاطريني هذا الاحساس؟ وماذا فقدت بغداد برأيك؟.
نعم بغداد فقدت الانسان العراقي بذاته؛ العراقية النقية الاصيلةالسابقة نتيجة لدوامة الحروب والحصار وحلقات العنف اللامنتهية..
الحوار-هل لك عودة الى الوطن بعد هذه الزيارة السريعة؛ سواء عودة عمل او زيارة شخصية؟.
إذا استغنى احد عن التنفس استغني انا عن زيارة العراق...بالتاكيد ساعود.
الحوار- كمغتربة ما أكثر شيء تفتقدينه من العراق، هل هو دجلة، الفرات، التمر البرحي، جاي العصر، الدولمة..؟؟.
-بل لمة أخواتي وأطفالهم وامي حولي تساوي عندي الدنيا وما فيها...
الدولمة رائعة واهلي يحرصون على اعدادها لي كلما وصلت بغداد، لكني مولعة بالسمك المسكوف على شواطيء ابو نؤاس، وكلما ذهبت اليه وجدت انه لم يعد عائليا للاسف وعدت دون ان اكل السمك.
الحوار-متى تعودين للعراق؟ أو متى يقرر المغترب العراقي العودة للوطن؟.
-اعود حين تنتهي مهمتي الدبلوماسية او حين ياذن الله.

الحوار – شكرا جزيلا لك على تحمل اسئلة المطولة التي لم اكن اخطط لها ان تكون بهذا الطول؛ إلا أن نشوة المثاقفة مع اصحاب الراي والابداع تغري بالمزيد من النهم الثقافي.
-ارجو ان لا يزداد النهم؛ لأن اذا كل اللقاءات بهذا الطول سوف نتوب من عمل ألقاءات؛ شكرا لمجلتكم على الاهتمام بموضوع المغتربين.





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق